من المفترض ألا يفسد خلاف الرأى للود قضية، لكنه فى مجتمعنا لايفسد فقط حبال الود لكنه يحرقها تماما.
لم نعتد للأسف على سياسة الإختلاف.. ويكون لزاما علينا دائما إما السمع والطاعة أو الإقرار بأنه كله تمام يا أفندم.. غير مسموح لك بإبداء رأي مخالف لرئيسك أيا ما كان موقعه.. ليس من حقك الاعتراض على سياسته، أو التحفظ على قراراته أومناقشة توجيهاته.. وإن تجرأت فالويل لك.. سيل من العقوبات تنهال عليك من كل حدب وصوب.. سلسلة من الخصومات وسحب لامتيازات ومنع لحوافز وسيل من الإتهامات المعلبة الجاهزة، الموجهة بحرفية وتمكن واقتدار، لتصيبك فى مقتل.
حرب شرسة تتوالى عليك سهامها من كل مكان.. ولن تسلم بالطبع من متطوعين جاهزين، أدمنوا التبرع للعمل كعصا لأمثالك من المتبجحين المعارضين، ويمكنهم فى لمح البصر أن يحملوا لك من الجزر مايداعبون به أحلامك وطموحك، فتستسلم وتقبل وتتنازل عن تعنتك وتحديك وخلافك.. أما إذا رفضت، فالعصا مازالت تحملها اليد الأخرى مستعدة بكل حماس أن تحطم رأسك المتحجرة فيتناثر عنادك ويذهب هباء منثورا.. سيكون عليك دائما الخيار بين أمرين أحلاهما مر، إما التنازل عن قناعتك وقيمك ومبادئك لتتتمتع بكل المكاسب والمزايا والمنح والعطايا أو تتمسك بها فتنهال عليك الخسائر والعقوبات والجزاءات.. ستخسر باختيارك الأول نفسك وتخسر فى الثانى مصيرك.. محنة صعبة وابتلاء شديد ومفترق طرق وعر، ولكن لامفر لك من الإختيار.. وبالطبع عليك تحمل نتيجة إختيارك بأريحية وقناعة ورضا، لن تستطيع طويلا أن تقبض على العصا من منتصفها، لتأمن وتتجنب مواجهة الإختيار الصعب.. فحتما سيفرض عليك يوما مواجهته.. فكن مستعدا له فيسهل حسم أمرك.. ربما يبدو عليك الأمر مرهقا، وربما تكون واحدا ممن يؤثرون السلامة ويتجنبون المشاكل ويسيرون بجانب كل حائط طلبا للنجاة. ربما تكون ممن يكرهون المعارك وينبذون الخلافات ويتجنبون الأزمات، وربما تكون من أولئك العاملين فى صمت ورضا وقبول بما يمليه الامر الواقع، لكن لن يحميك كل ذلك من خوض معارك يفرض يوما عليك دخولها ولاخلافات تحتم عليك خوضها ولا مصير يواجهك وتجد نفسك مخيرا فيه، فى أن تكون أولاتكون، فكن مستعدا بيقين أن كل خلاف فى الوطن يفسد كل حبال الود ويطرح خصومه أرضا بلا رحمة.
------------------
بقلم: هالة فؤاد